متوكل علي الله جعفر محمد
Al-Mutawakil Ala Allah Djaffar ibn Mohammad - Al-Mutawakil Ala Allah Djaffar ibn Mohammad
المتوكل على الله (جعفر بن محمد ـ)
(206 ـ 247هـ/821 ـ 861م)
أبو الفضل جعفر المتوكل على الله ابن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد، ولد ببغداد، أمه أم ولد يقال لها شجاع، بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه الواثق سنة 232هـ/846م، وكان أول من بايعه سيما التركي المعروف بالدمشقي ووصيف التركي، ثم توجه المتوكل إلى دار العامة وأمر بإعطاء الجند رزق ثمانية أشهر.
بدأت سيطرة الأتراك على شؤون الخلافة في العاصمة وإدارة الولايات في عهد المتوكل، مع أن المعتصم هو الذي جعل الأتراك دعامته أيام خلافته، ويعود ذلك إلى أن الخليفة الواثق توفي من دون أن يعهد بالخلافة لأحد من بعده؛ مما فسح المجال للأتراك لأن ينهضوا بالأمر، فاختاروا جعفر بن المعتصم خليفة، وعندما عمل المتوكل على قتل كبيرهم إيتاخ للتخلص من سيطرته وتسلطه اكتسب حقد الأتراك عليه لأنهم خشوا أن يكون مصيرهم كمصير إيتاخ، فتآمروا عليه، وشعر المتوكل بما يكنه له هؤلاء فحاول التخلص منهم بالتوجه إلى الشام، لعله يجد فيها من العنصر العربي ما يغنيه عن العنصر التركي، فكتب إلى أحمد بن محمد بن مدبر يأمره باتخاذ القصور وإعداد المنازل وكتب في إصلاح الطرق، وسار من سر من رأى (سامراء) في ذي القعدة سنة 243هـ ونزل بدمشق في صفر سنة 244هـ، ولكن إقامته لم تطل فقد ثار عليه الأتراك، ولم يسلم من شغب جند الشام عليه مطالبين بأعطياتهم، فاضطر إلى العودة، ولكنه انتقل إلى موضع يقال له الماحوزة على بعد 3 فراسخ من سُر من رأى، وبنى هناك مدينة عرفت بالمتوكلية أوا لجعفرية، ونقل الكتاب والدواوين والناس كافة إليها وبنى فيها قصراً لم يُسمع بمثله سنة 246هـ.
وفي شوال سنة 247هـ قتل المتوكل؛ لأنه كان قد جفا ابنه وولي عهده محمداً المنتصر، فأغرى الأتراك المنتصر به، ودبروا الوثوب عليه، ودخل عليه جماعة من الأتراك منهم بغا الصغير وأوتامش صاحب المنتصر وغيرهم، وكان في مجلس خلوة فقتلوه بأسيافهم وقتلوا معه الفتح بن خاقان الذي كان مولاه وأقربهم إليه وأكثرهم تقدماً عنده، وكان له نصيب من العلم ومنزلة من الأدب.
كان أول ما فعله المتوكل بعد استخلافه نهيه الناس عن الكلام في القرآن، وترك المباحثة والجدل، وإطلاق من كان في السجون من أهل البلدان، ومن سُجن في خلافة الواثق، سرّحهم جميعاًً وكساهم.
وفي عهد المتوكل ظهرت القوات البحرية أول مرة بشكلها المنظم في مصر، نتيجة لنزول الروم بدمياط سنة 238هـ/852م إذ يذكر المقريزي: «أنه وقع الاهتمام منذ ذلك الوقت (أي نزول الروم بدمياط) بأمر الأسطول، وأنشئت الشواني، وجعلت الأرزاق لغزاة البحر، كما هي لغزاة البر، وانتدب الأمراء له الرماة، فاجتهد الناس بمصر في تعليم أولادهم الرماية وجميع أنواع المحاربة وانتخب له القواد العارفون بمحاربة العدو»، ويضيف المقريزي فيقول: «إنه كان لخدّام الأسطول حرمة ومكانة، ولكل واحد من الناس رغبة أن يعدّ من جملتهم فيسعى بالوسائل حتى يستقر فيه».
وفي سنة 241هـ/855م أرسل المتوكل شفيقاً الخادم لمفاداة الأسرى المسلمين، وطلب من قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد أن يحضر الفداء الذي وقع على نهر اللامس (واللامس قرية على شط بحر الروم من ناحية ثغر طرسوس كان فيه الفداء بين المسلمين والروم الذين يقدمون في البحر فيكونون في سفنهم والمسلمون في البر) فكان أسرى المسلمين من الرجال 786 رجلاً ومن النساء 125 امرأة.
يصف المسعودي أيام المتوكل بأنها كانت في حسنها ونضارتها ورفاهية العيش بها وحمد الخاص والعام لها ورضاهم عنها أيام سرّاء لاضرّاء وأنه لم تكن النفقات في عصر من العصور ولا وقت من الأوقات مثلها في أيام المتوكل، ويقال إنه أنفق على الهاروني والجوسق الجعفري مئة مليون درهم، هذا مع كثرة الموالي والجند والشاكرية ودور العطاء وجليل ما يقبضونه في كل شهر من الجوائز والهبات، ومع هذا يقال إنه مات وفي بيوت الأموال أربعة ملايين من الدنانير وسبعة ملايين من الدراهم.
ولما قتل المتوكل رثته الشعراء، فمن رثاء علي بن الجهم قوله في قصيدة:
وفيه يقول يزيد بن محمد المهلبي من قصيدة طويلة:
نجدة خماش
Al-Mutawakil Ala Allah Djaffar ibn Mohammad - Al-Mutawakil Ala Allah Djaffar ibn Mohammad
المتوكل على الله (جعفر بن محمد ـ)
(206 ـ 247هـ/821 ـ 861م)
أبو الفضل جعفر المتوكل على الله ابن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد، ولد ببغداد، أمه أم ولد يقال لها شجاع، بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه الواثق سنة 232هـ/846م، وكان أول من بايعه سيما التركي المعروف بالدمشقي ووصيف التركي، ثم توجه المتوكل إلى دار العامة وأمر بإعطاء الجند رزق ثمانية أشهر.
بدأت سيطرة الأتراك على شؤون الخلافة في العاصمة وإدارة الولايات في عهد المتوكل، مع أن المعتصم هو الذي جعل الأتراك دعامته أيام خلافته، ويعود ذلك إلى أن الخليفة الواثق توفي من دون أن يعهد بالخلافة لأحد من بعده؛ مما فسح المجال للأتراك لأن ينهضوا بالأمر، فاختاروا جعفر بن المعتصم خليفة، وعندما عمل المتوكل على قتل كبيرهم إيتاخ للتخلص من سيطرته وتسلطه اكتسب حقد الأتراك عليه لأنهم خشوا أن يكون مصيرهم كمصير إيتاخ، فتآمروا عليه، وشعر المتوكل بما يكنه له هؤلاء فحاول التخلص منهم بالتوجه إلى الشام، لعله يجد فيها من العنصر العربي ما يغنيه عن العنصر التركي، فكتب إلى أحمد بن محمد بن مدبر يأمره باتخاذ القصور وإعداد المنازل وكتب في إصلاح الطرق، وسار من سر من رأى (سامراء) في ذي القعدة سنة 243هـ ونزل بدمشق في صفر سنة 244هـ، ولكن إقامته لم تطل فقد ثار عليه الأتراك، ولم يسلم من شغب جند الشام عليه مطالبين بأعطياتهم، فاضطر إلى العودة، ولكنه انتقل إلى موضع يقال له الماحوزة على بعد 3 فراسخ من سُر من رأى، وبنى هناك مدينة عرفت بالمتوكلية أوا لجعفرية، ونقل الكتاب والدواوين والناس كافة إليها وبنى فيها قصراً لم يُسمع بمثله سنة 246هـ.
وفي شوال سنة 247هـ قتل المتوكل؛ لأنه كان قد جفا ابنه وولي عهده محمداً المنتصر، فأغرى الأتراك المنتصر به، ودبروا الوثوب عليه، ودخل عليه جماعة من الأتراك منهم بغا الصغير وأوتامش صاحب المنتصر وغيرهم، وكان في مجلس خلوة فقتلوه بأسيافهم وقتلوا معه الفتح بن خاقان الذي كان مولاه وأقربهم إليه وأكثرهم تقدماً عنده، وكان له نصيب من العلم ومنزلة من الأدب.
كان أول ما فعله المتوكل بعد استخلافه نهيه الناس عن الكلام في القرآن، وترك المباحثة والجدل، وإطلاق من كان في السجون من أهل البلدان، ومن سُجن في خلافة الواثق، سرّحهم جميعاًً وكساهم.
وفي عهد المتوكل ظهرت القوات البحرية أول مرة بشكلها المنظم في مصر، نتيجة لنزول الروم بدمياط سنة 238هـ/852م إذ يذكر المقريزي: «أنه وقع الاهتمام منذ ذلك الوقت (أي نزول الروم بدمياط) بأمر الأسطول، وأنشئت الشواني، وجعلت الأرزاق لغزاة البحر، كما هي لغزاة البر، وانتدب الأمراء له الرماة، فاجتهد الناس بمصر في تعليم أولادهم الرماية وجميع أنواع المحاربة وانتخب له القواد العارفون بمحاربة العدو»، ويضيف المقريزي فيقول: «إنه كان لخدّام الأسطول حرمة ومكانة، ولكل واحد من الناس رغبة أن يعدّ من جملتهم فيسعى بالوسائل حتى يستقر فيه».
وفي سنة 241هـ/855م أرسل المتوكل شفيقاً الخادم لمفاداة الأسرى المسلمين، وطلب من قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد أن يحضر الفداء الذي وقع على نهر اللامس (واللامس قرية على شط بحر الروم من ناحية ثغر طرسوس كان فيه الفداء بين المسلمين والروم الذين يقدمون في البحر فيكونون في سفنهم والمسلمون في البر) فكان أسرى المسلمين من الرجال 786 رجلاً ومن النساء 125 امرأة.
يصف المسعودي أيام المتوكل بأنها كانت في حسنها ونضارتها ورفاهية العيش بها وحمد الخاص والعام لها ورضاهم عنها أيام سرّاء لاضرّاء وأنه لم تكن النفقات في عصر من العصور ولا وقت من الأوقات مثلها في أيام المتوكل، ويقال إنه أنفق على الهاروني والجوسق الجعفري مئة مليون درهم، هذا مع كثرة الموالي والجند والشاكرية ودور العطاء وجليل ما يقبضونه في كل شهر من الجوائز والهبات، ومع هذا يقال إنه مات وفي بيوت الأموال أربعة ملايين من الدنانير وسبعة ملايين من الدراهم.
ولما قتل المتوكل رثته الشعراء، فمن رثاء علي بن الجهم قوله في قصيدة:
عبيد أمير المؤمنين قتلنه وأعـظم آفات الملوك عبيـدها بني هاشم صبراً فكل مصيبة سيبلى على وجه الزمان جديدها |
جاءَت منيته والعين هاجعة هلا أتتـه المنايا والقنـا قصد علتك أسياف من لا دونه أحد وليـس فوقك إلاّ الواحد الصمد خليفة لم ينل ما ناله أحد ولم يُصَغ مثله روح ولا جسـد |