مازاران (جول)
Mazarin (Jules-) - Mazarin (Jules-)
مازاران (جول ـ)
(1602ـ 1661)
جول مازاران Jules Mazarin كاردينال ورجل دولة فرنسي من أصل إيطالي. ولد في پِشينا Pescina في أبروتسي Abruzzi لأسرة صقليّة. تلقى تعليمه على يد اليسوعيين في روما حتى سن السابعة عشرة، ثم رافق جيروم كولونا Jerome Colonna بوصفه حاجباً إلى جامعة ألكالا (القلعة) Alcala في إسبانيا. وهناك أظهر ولعاً بالمقامرة والمغامرات النسائية، لكنه صقل لغته الإسبانية، وتعلّم أساليب الغزل التي ساعدته لاحقاً حين انضم إلى خدمة ملكة إسبانيا.
حاز مازاران لقب دكتوراه في القانون عام 1622، ثم التحق بالجيش ضابطاً في سلاح المشاة، وشارك في الحرب التي جرت في فالتلّينا Valtellina والتي أبدى فيها قدرة دبلوماسية عالية منحته ثقة البابا أوربان الثامن Urban VIII الذي كلفه عام 1629 مهمة وضع نهاية لحرب وراثة مدينتي مانتوا Mantua ومونفرَّات Montferrat. وفي عام 1631 نجح مازاران في إبرام اتفاقية كيراسكو Cherasco بين إسبانيا وفرنسا، تخلى بموجبها امبراطور إسبانيا ودوق ساڤوي Savoy عن مانتوا وجزء من مونفرات لمصلحة فرنسا؛ الأمر الذي أثار إعجاب الكاردينال ريشيليو [ر]، فطلب إلى مازاران القدوم إلى باريس، واستقبله بحفاوة، ووعده بكثير.
عين مازاران ممثلاً للبابا في أفينيون Avignon عام 1634، ومن ثم مبعوثاً له في البلاط الفرنسي بين عامي 1634ـ 1636، بيد أن تطلعاته كانت أبعد من المفاوضات البابوية. ولما كان يدرك أن ليس ثمة أمل في أن يصير كاردينالاً إلا بمساعدة سلطة قوية، قبل عرض الكاردينال ريشيليو بالانضمام إلى خدمة ملك فرنسا لويس الثالث عشر Louis XIII. وفي نيسان/إبريل عام 1639 أصبح مازاران مواطناً فرنسياً.
شعر ريشيليو الذي أثقلته السنون والذي كان يكد في خدمة الملك أن الشاب مازاران قادر على إدارة شؤون الحكومة، فأوكل إليه عدة مهمات حساسة أبدى فيها مازاران كفاءة عالية، ومن ثم قدمه إلى الملك الذي كان سعيداً به وبإقامته في القصر الملكي. توج مازاران عمله الدبلوماسي في خدمة فرنسا بتوقيع معاهدة سرية بين فرنسا وأمير ساڤوي توماس Thomas في أواخر عام 1640. وفي السنة التالية أصر ريشليو على ترقية مازاران إلى رتبة كاردينال، وتم ذلك بحضور ملك فرنسا في كانون الأول/ديسمبر عام 1641. وبعد موت ريشيليو خلفه مازاران رئيساً لوزراء فرنسا عام 1642.
لم يمهل الموت الملك لويس الثالث عشر طويلاً فقد تُوفِّي عام 1643، وكان لويس الرابع عشر غلاماً في الخامسة، فوجد مازاران نفسه الحاكم الفعلي لفرنسا، وظل يدير سياسة فرنسا طوال مدة وصاية الملكة الأم آن Anne النمساوية، ولم يتوقف حتى وفاته.
تابع مازاران سياسة ريشيليو المناهضة لسياسة آل هابسبورغ Habsburg، ووضع أساساً لتوسيع ملكية لويس الرابع عشر، وقد ساعدت انتصارات كونديه Condé وتورين Turenne فرنسا على أن تكون طرفاً في المفاوضات التي جرت لإنهاء حرب الثلاثين عاماً في اتفاقيتي مونسترMünster ووستفاليا Westphalia، والتي أظهر فيها مازاران مقدرة سياسة فائقة أسفرت عن منح الألزاس Alsace لفرنسا، كما وفر للأمراء البروتستنت أماكن إقامة في أبرشيّات وأديرة علمانية مكافأة لهم على معارضتهم سياسة النمسا. وفي عام 1659 أبرم معاهدة سلام البيرينيه Pyrénées مع آل هابسبورغ التي أنهت الحرب مع إسبانيا، وأضافت إلى التاج الفرنسي منطقتي روسيون Roussillon وسيردانية Cerdagne وجزءاً من الأراضي المنخفضة.
افتقدت سياسة مازاران الداخلية قوة سياسة سلفه ريشيليو، فاضطر إلى الفرار من فرنسا غير مرة بين عامي 1651 و1652 نتيجة ثورتي الفروند Fronde الأولى (البرلمانية) والفروند الثانية التي قادها النبلاء والتي رافقها صدور مقالات ناقدة وأحياناً ساخرة، تناولت شخصية مازاران فيما عرف «المازارانيات» Mazarinades. بيد أن إخماد ثورات الفروند كان نصراً للملكية المطلقة، إذ استطاع مازاران تمهيد الطريق لسيادة الملك لويس الرابع عشر المطلقة. وفي عام 1658 أسس مازاران عصبة الراين League of the Rhine واضعاً ألمانيا ـ إلى حد ما ـ تحت حماية الملك الفرنسي الشاب وكابحاً قوة حكم الأسرة النمساوية.
تُوفِّي مازاران مخلّفاً ثروة طائلة من الأموال والممتلكات والتحف الفنية آلت بعد وفاته إلى الملك لويس الرابع عشر الذي غدا أغنى ملوك عصره.
غسان منيف عيسى
Mazarin (Jules-) - Mazarin (Jules-)
مازاران (جول ـ)
(1602ـ 1661)
جول مازاران Jules Mazarin كاردينال ورجل دولة فرنسي من أصل إيطالي. ولد في پِشينا Pescina في أبروتسي Abruzzi لأسرة صقليّة. تلقى تعليمه على يد اليسوعيين في روما حتى سن السابعة عشرة، ثم رافق جيروم كولونا Jerome Colonna بوصفه حاجباً إلى جامعة ألكالا (القلعة) Alcala في إسبانيا. وهناك أظهر ولعاً بالمقامرة والمغامرات النسائية، لكنه صقل لغته الإسبانية، وتعلّم أساليب الغزل التي ساعدته لاحقاً حين انضم إلى خدمة ملكة إسبانيا.
عين مازاران ممثلاً للبابا في أفينيون Avignon عام 1634، ومن ثم مبعوثاً له في البلاط الفرنسي بين عامي 1634ـ 1636، بيد أن تطلعاته كانت أبعد من المفاوضات البابوية. ولما كان يدرك أن ليس ثمة أمل في أن يصير كاردينالاً إلا بمساعدة سلطة قوية، قبل عرض الكاردينال ريشيليو بالانضمام إلى خدمة ملك فرنسا لويس الثالث عشر Louis XIII. وفي نيسان/إبريل عام 1639 أصبح مازاران مواطناً فرنسياً.
شعر ريشيليو الذي أثقلته السنون والذي كان يكد في خدمة الملك أن الشاب مازاران قادر على إدارة شؤون الحكومة، فأوكل إليه عدة مهمات حساسة أبدى فيها مازاران كفاءة عالية، ومن ثم قدمه إلى الملك الذي كان سعيداً به وبإقامته في القصر الملكي. توج مازاران عمله الدبلوماسي في خدمة فرنسا بتوقيع معاهدة سرية بين فرنسا وأمير ساڤوي توماس Thomas في أواخر عام 1640. وفي السنة التالية أصر ريشليو على ترقية مازاران إلى رتبة كاردينال، وتم ذلك بحضور ملك فرنسا في كانون الأول/ديسمبر عام 1641. وبعد موت ريشيليو خلفه مازاران رئيساً لوزراء فرنسا عام 1642.
لم يمهل الموت الملك لويس الثالث عشر طويلاً فقد تُوفِّي عام 1643، وكان لويس الرابع عشر غلاماً في الخامسة، فوجد مازاران نفسه الحاكم الفعلي لفرنسا، وظل يدير سياسة فرنسا طوال مدة وصاية الملكة الأم آن Anne النمساوية، ولم يتوقف حتى وفاته.
تابع مازاران سياسة ريشيليو المناهضة لسياسة آل هابسبورغ Habsburg، ووضع أساساً لتوسيع ملكية لويس الرابع عشر، وقد ساعدت انتصارات كونديه Condé وتورين Turenne فرنسا على أن تكون طرفاً في المفاوضات التي جرت لإنهاء حرب الثلاثين عاماً في اتفاقيتي مونسترMünster ووستفاليا Westphalia، والتي أظهر فيها مازاران مقدرة سياسة فائقة أسفرت عن منح الألزاس Alsace لفرنسا، كما وفر للأمراء البروتستنت أماكن إقامة في أبرشيّات وأديرة علمانية مكافأة لهم على معارضتهم سياسة النمسا. وفي عام 1659 أبرم معاهدة سلام البيرينيه Pyrénées مع آل هابسبورغ التي أنهت الحرب مع إسبانيا، وأضافت إلى التاج الفرنسي منطقتي روسيون Roussillon وسيردانية Cerdagne وجزءاً من الأراضي المنخفضة.
افتقدت سياسة مازاران الداخلية قوة سياسة سلفه ريشيليو، فاضطر إلى الفرار من فرنسا غير مرة بين عامي 1651 و1652 نتيجة ثورتي الفروند Fronde الأولى (البرلمانية) والفروند الثانية التي قادها النبلاء والتي رافقها صدور مقالات ناقدة وأحياناً ساخرة، تناولت شخصية مازاران فيما عرف «المازارانيات» Mazarinades. بيد أن إخماد ثورات الفروند كان نصراً للملكية المطلقة، إذ استطاع مازاران تمهيد الطريق لسيادة الملك لويس الرابع عشر المطلقة. وفي عام 1658 أسس مازاران عصبة الراين League of the Rhine واضعاً ألمانيا ـ إلى حد ما ـ تحت حماية الملك الفرنسي الشاب وكابحاً قوة حكم الأسرة النمساوية.
تُوفِّي مازاران مخلّفاً ثروة طائلة من الأموال والممتلكات والتحف الفنية آلت بعد وفاته إلى الملك لويس الرابع عشر الذي غدا أغنى ملوك عصره.
غسان منيف عيسى