#يوميات_مخرجة_مستجدة_1
تكتبها: بثينة الناصري
(كان المساء ملتفعا بالبرد والرطوبة، ورصيف المحطة موحلا بالمطر الذي لم يكن إلا منذ قليل. ولكن عتامة الجو لم تحبط حماسة سيدة شابة، ترتدي معطفا جلديا أنيقا أسود اللون، وقبعة فراء سوداء، وتميل بجذعها على ذراع رجل وسيم، يلف قامته الفارعة بمعطف مطر أسود، ويرفع بيده الأخرى مظلة.
كان الفرح يملأ وجهها .. تكاد تطير .. كم تحب السفر! ولو كان الخيار لها لانتعلت حذاء رياضة، ودخلت في بنطلون مريح، وارتدت قميص صوف، ورمت حقيبتها على كتفها. رفعت عينيها إلى زوجها، ابتسمت، وضغطت على ذراعه بحب وهمست "شكرا .. إني في غاية السعادة". كانت تقول ذلك بصدق نابع من الأعماق، فأنّى لها أن تحدس بما يوشك أن يحدث في العربة رقم 22 في القطار المسافر غربا؟)
كانت هذه بداية قصتي القصيرة (القطار المسافر) التي أردت ان تكون أول فيلم لي بعد تخرجي من المدرسة العربية للسينما والتلفزيون (مصر) في نوفمبر 2022 بعد ان أنهيت فيلم تخرجي (حظ السلاحف) عن قصة اخرى لي بنفس الاسم.
وكعادتي في مغامراتي الكتابية و الحياتية، اختار الصعب دائما. كان مشروع التخرج يتضمن سلحفاة صغيرة حقيقية وطفلين وممثلين في دوري الام والاب لم تكن لهما سابقة تمثيل، ومكان التصوير في صحراء. باختصار كل الأدوات الصعبة التي لا يمكن ان يختارها أي طالب لمشروع تخرج. وزاد الطين بلة اني لم اكن احمل تصريحا بالتصوير في الاماكن الخارجية كما ينص القانون المصري. وهكذا عند المشهد الأخير بعد ساعات من التصوير في ظروف صعبة من حرارة الشمس والعطش والجوع وعناد السلحفاة في عدم الحركة امام كاميرة التصوير، احاطت بنا الشرطة للسؤال عن التصاريح. ثم مر اليوم بسلام.
والآن لأول فيلم بعد التخرج، اختار قصة صعبة حيث مكان الأحداث داخل قطار. في القصة الاصلية ،تجري الاحداث داخل كابينة قطار فيها اربعة مقاعد متقابلة ، تجلس عليها عائلتان، العائلةالاولى هي الرجل وزوجته اللذان وصفتهما في البداية، وفجأة يأتي رجل وزوجته اخران ليجلسا امامهما في الكابينة. يتضح انه كانت هناك علاقة حب قديمة بين هذا الرجل وزوجة الرجل الاول. الحبيبان اصلا من العراق والان هما في مصر وكل منهما متزوج من اهل مصر.
كان علي أن ابحث مسألة استئجار قطار. ذهبت الى مدينة الانتاج الاعلامي (في القاهرة) وهي مكان شاسع يحوي ديكورات حارات شعبية ومطاعم ومبان واماكن اخرى وايضا محطة قطار. أخذوني الى المحطة وتجولت داخل القطار الحقيقي، وله قاطرتان، واحدة قديمة إذا كنت اريد ان اصور فيلما عن عهود قديمة وقاطرة حديثة إذا كان الزمن هو الحاضر. كان المشهد رائعا، صورته من عدة جوانب (صورة مرفقة)، وذهبت الى الإدارة للتفاوض على سعر الايجار. وجدته يعادل كل الميزانية التي وضعتها للفيلم. كانت خيبتي عظيمة.
ولكن هذه ليست النهاية، لاشيء يحبطني. ماذا لو حولت مكان الأحداث الى حافلة ركاب؟ وهكذا انهمكت في تغيير السيناريو .
لكن مشكلة اخرى صادفتني حين رحت أبحث عن حافلة تحل محل القطار.
.
تكتبها: بثينة الناصري
(كان المساء ملتفعا بالبرد والرطوبة، ورصيف المحطة موحلا بالمطر الذي لم يكن إلا منذ قليل. ولكن عتامة الجو لم تحبط حماسة سيدة شابة، ترتدي معطفا جلديا أنيقا أسود اللون، وقبعة فراء سوداء، وتميل بجذعها على ذراع رجل وسيم، يلف قامته الفارعة بمعطف مطر أسود، ويرفع بيده الأخرى مظلة.
كان الفرح يملأ وجهها .. تكاد تطير .. كم تحب السفر! ولو كان الخيار لها لانتعلت حذاء رياضة، ودخلت في بنطلون مريح، وارتدت قميص صوف، ورمت حقيبتها على كتفها. رفعت عينيها إلى زوجها، ابتسمت، وضغطت على ذراعه بحب وهمست "شكرا .. إني في غاية السعادة". كانت تقول ذلك بصدق نابع من الأعماق، فأنّى لها أن تحدس بما يوشك أن يحدث في العربة رقم 22 في القطار المسافر غربا؟)
كانت هذه بداية قصتي القصيرة (القطار المسافر) التي أردت ان تكون أول فيلم لي بعد تخرجي من المدرسة العربية للسينما والتلفزيون (مصر) في نوفمبر 2022 بعد ان أنهيت فيلم تخرجي (حظ السلاحف) عن قصة اخرى لي بنفس الاسم.
وكعادتي في مغامراتي الكتابية و الحياتية، اختار الصعب دائما. كان مشروع التخرج يتضمن سلحفاة صغيرة حقيقية وطفلين وممثلين في دوري الام والاب لم تكن لهما سابقة تمثيل، ومكان التصوير في صحراء. باختصار كل الأدوات الصعبة التي لا يمكن ان يختارها أي طالب لمشروع تخرج. وزاد الطين بلة اني لم اكن احمل تصريحا بالتصوير في الاماكن الخارجية كما ينص القانون المصري. وهكذا عند المشهد الأخير بعد ساعات من التصوير في ظروف صعبة من حرارة الشمس والعطش والجوع وعناد السلحفاة في عدم الحركة امام كاميرة التصوير، احاطت بنا الشرطة للسؤال عن التصاريح. ثم مر اليوم بسلام.
والآن لأول فيلم بعد التخرج، اختار قصة صعبة حيث مكان الأحداث داخل قطار. في القصة الاصلية ،تجري الاحداث داخل كابينة قطار فيها اربعة مقاعد متقابلة ، تجلس عليها عائلتان، العائلةالاولى هي الرجل وزوجته اللذان وصفتهما في البداية، وفجأة يأتي رجل وزوجته اخران ليجلسا امامهما في الكابينة. يتضح انه كانت هناك علاقة حب قديمة بين هذا الرجل وزوجة الرجل الاول. الحبيبان اصلا من العراق والان هما في مصر وكل منهما متزوج من اهل مصر.
كان علي أن ابحث مسألة استئجار قطار. ذهبت الى مدينة الانتاج الاعلامي (في القاهرة) وهي مكان شاسع يحوي ديكورات حارات شعبية ومطاعم ومبان واماكن اخرى وايضا محطة قطار. أخذوني الى المحطة وتجولت داخل القطار الحقيقي، وله قاطرتان، واحدة قديمة إذا كنت اريد ان اصور فيلما عن عهود قديمة وقاطرة حديثة إذا كان الزمن هو الحاضر. كان المشهد رائعا، صورته من عدة جوانب (صورة مرفقة)، وذهبت الى الإدارة للتفاوض على سعر الايجار. وجدته يعادل كل الميزانية التي وضعتها للفيلم. كانت خيبتي عظيمة.
ولكن هذه ليست النهاية، لاشيء يحبطني. ماذا لو حولت مكان الأحداث الى حافلة ركاب؟ وهكذا انهمكت في تغيير السيناريو .
لكن مشكلة اخرى صادفتني حين رحت أبحث عن حافلة تحل محل القطار.
.