لافوازييه (انطوان لوران دي) Lavoisier (Antoine Laurent de-) - Lavoisier (Antoine Laurent de-)
لاڤوازييه (أنطوان لوران دي ـ)
(1743 ـ 1794)
أنطوان لوران دي لاڤوازييه Antoine Laurent de Lavoisier كيميائي واقتصادي وموظف حكومي فرنسي، عُرف باكتشافه دور الأكسجين في الاحتراق. وهو ابن محام ثري، ولد في باريس، وتعلم في كلية مازاران Mazarin وكان ميله واضحاً إلى الآداب، حتى إنه حصل في العام 1760 على جائزة الخطابة بالفرنسية في مسابقة عامة. وكان ينوي اتباع خطى والده فدرس القانون لكنه سرعان ما تحول إلى العلوم، وإلى الجيولوجيا بصورة خاصة التي شجعه عليها صديق العائلة غيتّار J.E.Guettard فحضر محاضرات في الكيمياء لتعلم علم التعدين minéralogie. اصطحبه غيتّار في البعثات الجيولوجية إلى مناطق مختلفة في شمالي فرنسا، فكتب تقريراً حول طبقات الجبال وآخر حول تحليل ضروب الجص gypses في منطقة باريس. ثم حصل وهو في الثالثة والعشرين من عمره على الجائزة الذهبية من أكاديمية العلوم الفرنسية على عمله حول أفضل السبل لإنارة مدينة كبيرة.
وفي العام 1768 عُين في جباية الضرائب العامة، وهي شركة خاصة كانت تجبي الضرائب والرسوم لمصلحة الحكومة. وفي عام 1771 تزوج ابنة متعهد جباية الضرائب العام لكنه لم يرزق بأطفال، وأصبحت زوجته مساعدة له فتعلمت اللغة الإنكليزية (التي كان يجهلها) وأصبحت رسامة ماهرة. وحين عُيِّن عام 1775 في هيئة البارود الوطنية اضطر الزوجان إلى الإقامة في مؤسسة صنع الأسلحة في باريس Arsenal de Paris، فجهز فيها إضافة إلى منزله مخبراً للقيام بأعماله العلمية.
قام لاڤوازييه بأعمال أخرى متنوعة، ففي مزرعته بالقرب من بلوا Blois كان يجري تجارب زراعية. وبفضل خبرته في الأمور المالية عُيِّن مديراً لمصرف Caisse d’escompte. أما من الناحية السياسية فكان متحرراً شارك الفلاسفة العديد من آرائهم التحررية وكان قريباً من ديبون دي نيمور D. de Nemours ومن الفيزيوقراطيين (الداعين إلى حرية التجارة والصناعة) وكان على اقتناع تام بالحاجة إلى إصلاح اجتماعي. وشارك بنشاط في الأحداث السياسية التي سبقت الثورة الفرنسية. كما أسهم في لجنة مهمتها تقصي الحقائق حول الظروف الاجتماعية والزراعية. وكان صاحب اقتراحات بعيدة الأثر تتعلق بصرف إعانات للمسنين وبالإصلاح الضريبي. وفي أثناء الثورة نشر تقريراً حول الوضع المالي الفرنسي ودراسة إحصائية حول مصادر البلاد الاقتصادية، وذلك في العام 1791. كما قام بدور مهم في ابتكار النظام المتري للأوزان والمقاييس. لكنه منذ ذلك الحين أصبح هدفاً لهجوم عنيف متزايد من قبل مارا J.P.Marat وصحفيين متطرفين آخرين، على الرغم مما قدمه من خدمات للعلم ولفرنسا. فاعتقل مع بقية متعهدي جباية الضرائب عام 1794 وأُرسل إلى المحكمة الثورية. وحين قدم الطبيب هالّيه J.N.Halle إلى القضاة تقريراً عدّد فيه الخدمات التي قدمها لاڤوازييه للعلم والوطن أجابه رئيس المحكمة: «الجمهورية ليست بحاجة إلى علماء، والعدالة يجب أن تأخذ مجراها». فحُكم عليه بالموت في 8 أيار/مايو وأُعدم بالمقصلة في اليوم نفسه. وفي اليوم التالي قال لاغرانج [ر] لدلامبير: «لم تلزمهم سوى لحظة لإسقاط هذا الرأس، ولكن لن تكفي مئة عام غالباً لكي تكون لدينا رأس مماثلة».
أعماله العلمية: حين بدأ لاڤوازييه دراسة الكيمياء كان هذا الموضوع مجرد جمع لكمية كبيرة من المعلومات التجريبية من دون أساس نظري متين. فلم يكن هناك اتفاق على ماهية المكونات الأولية، ولم يكن تركيب سوى عدد قليل من المواد الكيماوية معروفاً. وكانت النظرية الأكثر قبولاً في الكيمياء هي تلك التي تفسر الاحتراق على أساس «مادة النار» التي تدعى فلوجستون phlogiston. لكن لاڤوازييه بتعريفه المادة من حيث خاصتها الوزنية، وبإدخاله استخدام الميزان استخداماً منهجياً وبذله كل عناية في سبيل تحسينه، وبوضعه قوانين انحفاظ للمادة [ر: لومونوسف]، كان حقاً مؤسس علم الكيمياء. وكان أحد أول إنجازاته أنه وضح آلية تأكسد المعادن بتماسها مع الهواء، فقد بين- بخلاف ما كان يذهب إليه أنصار الفلوجستون- أن المعدن وليس الصدأ هو جسم بسيط. وتتضمن إحدى أولى تجاربه التي أجراها في العام 1774 «أكسدة» القصدير في وعاء مغلق يحوي الهواء وإثبات أن الكتلة الإجمالية تبقى ثابتة. ولعل التجربة نفسها التي كررها باستخدام الزئبق هي الأشهر في الكيمياء. وقد أتاحت له هذه التجربة إجراء تحليل الهواء فتعرف الأكسجين والآزوت (النتروجين)، ومن ثم أعاد تشكيل الهواء بمزج هذين الغازين. وقد بيّن كذلك، مثلما فعل كافنديش[ر]، أنه يمكن الحصول على الماء بحرق الهدروجين. واستنتج أن الماء ليس عنصراً. ثم أوجد في العام 1781 تركيب غاز الكربون (ثنائي أكسيد الكربون) لدى حرقه الألماس.
كان لاڤوازييه فيزيائياً أيضاً، فهو مع لابلاس [ر] مؤلف دراسة حول تمدد الأجسام الصلبة، وحول قياسات حرارية أولية باستخدام مقياس كمية حرارة يستفيد من انصهار الجليد. وقد أعطى في العام 1780 في «مذكرة حول الحرارة» قيماً عديدة للحرارة النوعية وكذلك لحرارة التفاعلات الكيمياوية. وكان لاڤوازييه أول من أشار إلى أن كل الأجسام يمكن أن توجد في إحدى الحالات الثلاث: الصلبة أو السائلة أو الغازية، إذ كان الكيميائيون قبل ذلك يعتقدون أن السائل يتبخر إما بتحوله إلى هواء وإما بانحلال جسيماته في الهواء كما ينحل الملح في الماء.
اهتم لاڤوازييه كذلك بالتطبيقات الكيمياوية في علم الأحياء (البيولوجيا) فكان أول من بيّن أن الحرارة الحيوانية تنتج من احتراقات عضوية أساسها الكربون والهدروجين، وأنه في التنفس، كما في الاحتراق يُستهلك الأكسجين وينطلق غاز الكربون. وبيَّن في تجاربه مع لابلاس أن الحرارة الناتجة من تنفس الأكسجين تساوي تقريباً الحرارة الناتجة لدى استخدام كمية الأكسجين نفسها في حرق الفحم. وكان هذا إثباتاً للنظرية القائلة إن التنفس هو احتراق بطيء.
كانت للاڤوازييه، إضافة إلى إنجازاته العلمية البحتة أعماله الهامة في مجال الإدارة. فقد قام في أثناء عمله في مؤسسة البارود بدراسات لتحسين هذه الصناعة واستطاع مضاعفة الإنتاج خمسة أضعاف ما كان عليه بفضل تطوير النطرون الصنعي. وكان رائداً في إدخال الآلة واستخدامها واقترح استخدام الريح لتشغيل مطاحن البارود التي كانت تشغَّل يدوياً.
على الرغم من أن لافوزييه لم يكتشف أي مادة جديدة ولا أي تركيب جديد إلا أن إسهامه في النظرية الكيمياوية كان أساسياً؛ فقد كان يرى بسرعة معنى المكتشفات الجديدة، وكان يثبت ويؤكد ويوسع المكتشفات التجريبية التي يجدها كيميائيون آخرون. كان من بين الكيميائيين القلائل في عصره الذين يقدِّرون تمام التقدير أهمية القياسات الدقيقة للمواد المتفاعلة ولنواتج التفاعل الكيمياوي. كل هذا يضعه في مصافِّ أول الكيميائيين وأشهرهم حتى إنه دعي أباً للكيمياء الحديثة.
بسام المعصراني
لاڤوازييه (أنطوان لوران دي ـ)
(1743 ـ 1794)
أنطوان لوران دي لاڤوازييه Antoine Laurent de Lavoisier كيميائي واقتصادي وموظف حكومي فرنسي، عُرف باكتشافه دور الأكسجين في الاحتراق. وهو ابن محام ثري، ولد في باريس، وتعلم في كلية مازاران Mazarin وكان ميله واضحاً إلى الآداب، حتى إنه حصل في العام 1760 على جائزة الخطابة بالفرنسية في مسابقة عامة. وكان ينوي اتباع خطى والده فدرس القانون لكنه سرعان ما تحول إلى العلوم، وإلى الجيولوجيا بصورة خاصة التي شجعه عليها صديق العائلة غيتّار J.E.Guettard فحضر محاضرات في الكيمياء لتعلم علم التعدين minéralogie. اصطحبه غيتّار في البعثات الجيولوجية إلى مناطق مختلفة في شمالي فرنسا، فكتب تقريراً حول طبقات الجبال وآخر حول تحليل ضروب الجص gypses في منطقة باريس. ثم حصل وهو في الثالثة والعشرين من عمره على الجائزة الذهبية من أكاديمية العلوم الفرنسية على عمله حول أفضل السبل لإنارة مدينة كبيرة.
وفي العام 1768 عُين في جباية الضرائب العامة، وهي شركة خاصة كانت تجبي الضرائب والرسوم لمصلحة الحكومة. وفي عام 1771 تزوج ابنة متعهد جباية الضرائب العام لكنه لم يرزق بأطفال، وأصبحت زوجته مساعدة له فتعلمت اللغة الإنكليزية (التي كان يجهلها) وأصبحت رسامة ماهرة. وحين عُيِّن عام 1775 في هيئة البارود الوطنية اضطر الزوجان إلى الإقامة في مؤسسة صنع الأسلحة في باريس Arsenal de Paris، فجهز فيها إضافة إلى منزله مخبراً للقيام بأعماله العلمية.
قام لاڤوازييه بأعمال أخرى متنوعة، ففي مزرعته بالقرب من بلوا Blois كان يجري تجارب زراعية. وبفضل خبرته في الأمور المالية عُيِّن مديراً لمصرف Caisse d’escompte. أما من الناحية السياسية فكان متحرراً شارك الفلاسفة العديد من آرائهم التحررية وكان قريباً من ديبون دي نيمور D. de Nemours ومن الفيزيوقراطيين (الداعين إلى حرية التجارة والصناعة) وكان على اقتناع تام بالحاجة إلى إصلاح اجتماعي. وشارك بنشاط في الأحداث السياسية التي سبقت الثورة الفرنسية. كما أسهم في لجنة مهمتها تقصي الحقائق حول الظروف الاجتماعية والزراعية. وكان صاحب اقتراحات بعيدة الأثر تتعلق بصرف إعانات للمسنين وبالإصلاح الضريبي. وفي أثناء الثورة نشر تقريراً حول الوضع المالي الفرنسي ودراسة إحصائية حول مصادر البلاد الاقتصادية، وذلك في العام 1791. كما قام بدور مهم في ابتكار النظام المتري للأوزان والمقاييس. لكنه منذ ذلك الحين أصبح هدفاً لهجوم عنيف متزايد من قبل مارا J.P.Marat وصحفيين متطرفين آخرين، على الرغم مما قدمه من خدمات للعلم ولفرنسا. فاعتقل مع بقية متعهدي جباية الضرائب عام 1794 وأُرسل إلى المحكمة الثورية. وحين قدم الطبيب هالّيه J.N.Halle إلى القضاة تقريراً عدّد فيه الخدمات التي قدمها لاڤوازييه للعلم والوطن أجابه رئيس المحكمة: «الجمهورية ليست بحاجة إلى علماء، والعدالة يجب أن تأخذ مجراها». فحُكم عليه بالموت في 8 أيار/مايو وأُعدم بالمقصلة في اليوم نفسه. وفي اليوم التالي قال لاغرانج [ر] لدلامبير: «لم تلزمهم سوى لحظة لإسقاط هذا الرأس، ولكن لن تكفي مئة عام غالباً لكي تكون لدينا رأس مماثلة».
أعماله العلمية: حين بدأ لاڤوازييه دراسة الكيمياء كان هذا الموضوع مجرد جمع لكمية كبيرة من المعلومات التجريبية من دون أساس نظري متين. فلم يكن هناك اتفاق على ماهية المكونات الأولية، ولم يكن تركيب سوى عدد قليل من المواد الكيماوية معروفاً. وكانت النظرية الأكثر قبولاً في الكيمياء هي تلك التي تفسر الاحتراق على أساس «مادة النار» التي تدعى فلوجستون phlogiston. لكن لاڤوازييه بتعريفه المادة من حيث خاصتها الوزنية، وبإدخاله استخدام الميزان استخداماً منهجياً وبذله كل عناية في سبيل تحسينه، وبوضعه قوانين انحفاظ للمادة [ر: لومونوسف]، كان حقاً مؤسس علم الكيمياء. وكان أحد أول إنجازاته أنه وضح آلية تأكسد المعادن بتماسها مع الهواء، فقد بين- بخلاف ما كان يذهب إليه أنصار الفلوجستون- أن المعدن وليس الصدأ هو جسم بسيط. وتتضمن إحدى أولى تجاربه التي أجراها في العام 1774 «أكسدة» القصدير في وعاء مغلق يحوي الهواء وإثبات أن الكتلة الإجمالية تبقى ثابتة. ولعل التجربة نفسها التي كررها باستخدام الزئبق هي الأشهر في الكيمياء. وقد أتاحت له هذه التجربة إجراء تحليل الهواء فتعرف الأكسجين والآزوت (النتروجين)، ومن ثم أعاد تشكيل الهواء بمزج هذين الغازين. وقد بيّن كذلك، مثلما فعل كافنديش[ر]، أنه يمكن الحصول على الماء بحرق الهدروجين. واستنتج أن الماء ليس عنصراً. ثم أوجد في العام 1781 تركيب غاز الكربون (ثنائي أكسيد الكربون) لدى حرقه الألماس.
كان لاڤوازييه فيزيائياً أيضاً، فهو مع لابلاس [ر] مؤلف دراسة حول تمدد الأجسام الصلبة، وحول قياسات حرارية أولية باستخدام مقياس كمية حرارة يستفيد من انصهار الجليد. وقد أعطى في العام 1780 في «مذكرة حول الحرارة» قيماً عديدة للحرارة النوعية وكذلك لحرارة التفاعلات الكيمياوية. وكان لاڤوازييه أول من أشار إلى أن كل الأجسام يمكن أن توجد في إحدى الحالات الثلاث: الصلبة أو السائلة أو الغازية، إذ كان الكيميائيون قبل ذلك يعتقدون أن السائل يتبخر إما بتحوله إلى هواء وإما بانحلال جسيماته في الهواء كما ينحل الملح في الماء.
اهتم لاڤوازييه كذلك بالتطبيقات الكيمياوية في علم الأحياء (البيولوجيا) فكان أول من بيّن أن الحرارة الحيوانية تنتج من احتراقات عضوية أساسها الكربون والهدروجين، وأنه في التنفس، كما في الاحتراق يُستهلك الأكسجين وينطلق غاز الكربون. وبيَّن في تجاربه مع لابلاس أن الحرارة الناتجة من تنفس الأكسجين تساوي تقريباً الحرارة الناتجة لدى استخدام كمية الأكسجين نفسها في حرق الفحم. وكان هذا إثباتاً للنظرية القائلة إن التنفس هو احتراق بطيء.
كانت للاڤوازييه، إضافة إلى إنجازاته العلمية البحتة أعماله الهامة في مجال الإدارة. فقد قام في أثناء عمله في مؤسسة البارود بدراسات لتحسين هذه الصناعة واستطاع مضاعفة الإنتاج خمسة أضعاف ما كان عليه بفضل تطوير النطرون الصنعي. وكان رائداً في إدخال الآلة واستخدامها واقترح استخدام الريح لتشغيل مطاحن البارود التي كانت تشغَّل يدوياً.
على الرغم من أن لافوزييه لم يكتشف أي مادة جديدة ولا أي تركيب جديد إلا أن إسهامه في النظرية الكيمياوية كان أساسياً؛ فقد كان يرى بسرعة معنى المكتشفات الجديدة، وكان يثبت ويؤكد ويوسع المكتشفات التجريبية التي يجدها كيميائيون آخرون. كان من بين الكيميائيين القلائل في عصره الذين يقدِّرون تمام التقدير أهمية القياسات الدقيقة للمواد المتفاعلة ولنواتج التفاعل الكيمياوي. كل هذا يضعه في مصافِّ أول الكيميائيين وأشهرهم حتى إنه دعي أباً للكيمياء الحديثة.
بسام المعصراني