تمكن باحثون من التوصل إلى بضع شخصيات جديدة، مازالت أسماءها مجهولة، ربما تركت بصمة وراثية في تركيبة العالم السكانية الحالية تضاهي بصمة جنكيز خان.
حين يتعلق الأمر بسعي الإنسان إلى الخلود عبر سلالة تحمل اسمه إلى المستقبل، يثبت البعض تفوقا ساحقا عن سواهم.
ربما كان جنكيز خان هو المثال الأشهر لهذه الحالة.
هذا القائد المغولي الناجح، الذي عرف بالقسوة والوحشية في أحيان كثيرة، يعتقد أنه كان أبا لمئات الأبناء، من عديد من الزوجات والإماء قبل وفاته في 1227م.
غزوات جنكيز خان الجنسية كانت كثيرة جدا وناجحة جدا، للدرجة التي يظن معها بعض العلماء أن ملايين البشر في عالمنا اليوم يحملون جيناته.
جاء في تعبير الكاتب إيون كالاواي Ewen Callaway لمجلة ناتشر Nature : “أن الأدلة التي تدعم وجود سلالة جنكيز خان بيننا هي أدلة قوية، وإن كانت ظرفية”.
في 2003 أجريت دراسة على البيانات المتعلقة بالكروموسوم Y، والذي ينتقل لكل مولود ذكر من والده.
وجدت الدراسة أن مايقرب من 8% من الرجال الذين يعيشون في قارة آسيا يحملون تسلسلات sequences من كروموسوم Y تكاد تكون متطابقة فيما بينها.
بمقارنة هذه النسبة بالتركيبة السكانية العالمية سنجد أنها تمثل حوالي 0.5% من الرجال، أو بالتقريب حوالي 16 مليون نسمة.
يقول كالاواي: “إن الفروق التي تظهر في تركيبة الدنا DNA لهؤلاء الرجال تشير إلى أن هذه السلالة قد بدأت قبل حوالي 1000 عام في منجوليا”.
لكي يحافظ كروموسوم Y على نسله لهذه المدة الطويلة، والتأثير الجغرافي المترامي، فمن المفترض أن عدة أجيال من أحفاد جنكيز خان كانوا ينجبون الكثير من الأبناء مثلما فعل، وأنهم كانوا يفعلون ذلك عبر مساحات جغرافية مترامية.
على لسان مارك جوبلينج Mark Jobli تنقل مجلة ناتشر: “كثير من الرجال ينجبون أبناء كثر، بالمصادفة.
أما أن ينجب هؤلاء الأبناء أيضا أبناءًا كثر، فهو مالايمكن أن يحدث بالمصادفة، إلا إذا توفر عامل مساعد”.
دراسة أحدث اشترك بها جوبلنج، تفيد بأن جنكيز خان يواجه منافسة قوية في هذا المضمار.
فبجانب سلالة جنكيز خان والحاكم الصيني العتيد جيوكانجا Giocangga، والذي توفي في 1582، أشار الباحثون إلى وجود تسعة أشخاص آخرين لهم سلالات ناجحة أيضا.
قام فريق جوبلنج بتحليل كروموسومات Y لـ 5000 رجل من 127 تركيبة سكانية مختلفة في آسيا، وعثروا في خلال بحثهم على 11 تسلسل (sequences) في كروموسوم Y مشتركة عند أكثر من 20 شخصا.
قام الفريق بدراسة الطفرات في هذه التسلسلات المشتركة، واستنتجوا ان التسعة سلالات قد بدأت ما بين العام 2100 ق.م والعام 700م، منبهين إلى أن هذه التواريخ قد تحوي نسبة ليست قليلة من الخطأ.
مثلما قال كالاواي لمجلة ناتشر، فإن الآباء المؤسسون “قد عاشوا في مجتمعات زراعية مستقرة ومجتمعات بدوية متنقلة على حد سواء، في الشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا ووسط آسيا.
التواريخ التي عاش بها هؤلاء الآباء متقاربة مع قيام مجتمعات سلطوية تراتبية في آسيا خلال العصر البرونزي، مثل البابليين.
ثلاثة من السلالات الأحدث بين هذه التسعه تربطهم علاقة بتجمعات البدو الرحل في شمال شرق الصين ومنجوليا، ومن بينها من يشتبه في انتماءهم لسلالة جنكيز خان وجيوكانجا.
يشك الباحثون أن الخيول ربما تكون أحد العوامل التي ساعدت في حدوث هذا التكاثر الناجح العابر للأجيال.